زراعة الشعر: تقنيات، أسس، وآليات
الإنسان عبارة عن ماكينة بيولوجية تصدأ مع الوقت، ويحتاج المرء إلى تزييتها وتشحيمها من حين لآخر، وهذا من أجل أن تعمل على أكمل وجه، وتقدم ما تحتاج لتقديمه من أجل نفسها، وللآخرين. الصحة تتدهور بالتدريج، الخلايا تموت، وكل الأعضاء تتهاوى، بما فيهم العقل البشري نفسه والذي عندما يبدأ في التصدع، تنتهي الحياة كما عهدها المرء تمامًا. لكن كلها مراحل متأخرة ولا تظهر إلا مع التقدم الشديد في العمر، ومن الناحية الأخرى فإن هناك دلائل وعلامات تؤكد أن الإنسان كبر في العمر تارة، أو لديه مرض وراثي تارة أخرى؛ وأبرز تلك العلامات هي تساقط الشعر، ولهذا زراعة الشعر شيء هام للغاية!
في السطور التالية سوف نتعرف على زراعة الشعر بشيء من التفصيل، بداية من أهمية زراعة الشعر، مرورًا بأسباب وحالات التساقط ذاتها، وصولًا للآليات المستخدمة في الزراعة بالكامل، وفي المرحلة الأخيرة تلك بالتحديد سوف نسرد خطوات عمليات الزراعة بالتفصيل، حتى تتمكنون من الوصول إلى قرار نهائي بعد الانتهاء من المقال بخصوص نوع العملية التي تريدون القيام بها من أجل زراعة الشعر من جهة، أو تحديد موقفكم الطبي بالنسبة لتساقط الشعر أو الصلع من جهة أخرى.
لماذا زراعة الشعر؟
هناك العديد من الأسباب التي تدعو لزراعة الشعر، لكن السبب الأول والأخير يبقى هو المظهر الخارجي للمرء.
لا تدعوا أحدهم يتحاذق عليكم ويحاول إقناعكم بأن زراعة الشعر ضرورية لإكمال دورات هرمونية معينة في الجسم أو ما شابه، هؤلاء فقط يريدون أن يكسبوا المال على حساب الكذب على العميل. الإنسان عندما يفقد شعره لأي سبب من الأسباب (خصوصًا تلك الوراثية)، يكون شكله أمام المرآة غير مقبول لنفسه بنسبة كبيرة، أو غير مقبول للمقربين إليه الذين اعتادوا على رؤيته بشعرٍ طوال حياتهم تقريبًا، مما يجعله حزينًا على نفسه وآسفًا على حاله، وهنا يقرر أنه يجب إيجاد حلٍ ما، وهنا يقرر زراعة الشعر مباشرة.
علم النفس هو سيد القضية دائمًا وأبدًا، فلا يمكن لممثل سينمائي أن يستمر في تمثيل أدوار “الفتى الجذّاب” دون الشعر، فالسينما تعتمد على إيصال شعورٍ مختلف للمُشاهِد مع كل قصة شعر مختلفة، وفي معظم الأحيان لا يعطي الشعر المستعار تلك الطلّة الطبيعية التي تحبها كاميرا السينما.
ونفس الأمر ينطبق على الأزواج، فمن المؤلم جدًا رؤية المرأة لزوجها خاسرًا لشعره بالتدريج، بينما اعتادت على مداعبته لسنين طويلة، وبهذا بثت الإيجابية والحب لديه، والعكس صحيح، فإن شعر المرأة مصدر قوتها. الشعر يعتبر وسيلة تواصل نفسية أساسية مع الآخرين، وبالنسبة للملايين على مستوى العالم؛ فإن ضمان استقرار وكثافة الشعر، يعني ضمان استقرار وكثافة مشاعر رضا النفس وحب الآخرين.
أسباب تساقط الشعر
أسباب تساقط الشعر التي تستدعي في بعض الأحيان زراعة الشعر كثيرة فعلًا، بعضها بيولوجي وبعضها غير بيولوجي، ولنتحدث عنها الآن بالتدريج.
البيولوجي (الإحيائي/البشري) هو النوع الذي إما ينطوي على أمراض، أو تقادم في عمر الخلايا فقط. فمثلًا يمكن أن يُصاب المرء بمرض السعفة المبرقشة (تينيا)، وفيه تظهر بقع على الرأس تؤدي إلى تساقط الشعر في مواضع ظهورها تحديدًا، لتكون الرأس عبارة عن بقع فيها شعر وبقع خالية تمامًا منه. كما أنه يمكن للمرء أن يطعن في السن ويتساقط شعره بطبيعة الحال نظرًا لشيخ الخلايا في العمر وضعف تمسك الشعر بالمنبت، بالإضافة إلى بهوت صبغات الشعيرات والجلد بشكلٍ عام، مما يؤدي إلى كون الشعر أبيضًا، ثم سقوطه تدريجيًّا.
ومن الناحية الأخرى، قد يكون السبب نفسيًّا فقط، فبالتالي يتساقط الشعر. فيمكن أن يحزن المرء بشدة فتنعكس حالته النفسية على استقرار جسمه من الداخل، وفي إحدى الحالات الشهيرة في التاريخ (وهي رواية تحتمل الصحة والخطأ)، تحول شعر ماري أنطوانيت من الأسود للأبيض بالكامل في ليلة واحدة فقط؛ وهي ليلة إعدامها. أي أنه حسب تلك الرواية تحديدًا، فيمكن أن يفقد الشعر صبغته تمامًا في 24 ساعة، وبالتبعية فيمكن أن يتساقط إثر الضغط النفسي للحياة أو الأسرة أو حتى العمل.
أهم طرق زراعة الشعر!
هناك أكثر من طريقة لعمل زراعة الشعر بأسلوبٍ آمن ومضاعفات محدودة بل وتكاد تصل إلى منعدمة أيضًا، وفي السطور التالية نسلط الضوء على أبرزها، وأكثرها انتشارًا على مستوى العالم عمومًا، وفي العالم العربي خصوصًا، لتصلوا في النهاية إلى القرار الأخير بخصوص زراعة الشعر من العدم؛ والطريقة الأكثر انتشارًا في العالم والأعلى شعبية في الدور العربية، هي حقن البلازما، سواء كانت التقليدية، أو الغنية بالصفائح الدموية.
حقن البلازما من أفضل الطرق المستخدمة بهدف زراعة الشعر بأسرع وقت وأقل تكاليف ممكنة. لكن قبل التحدث عن الحقن، لما لا نتحدث أولًا عن البلازما نفسها؟
الدم (كسائل) يحتوي على الكثير من المواد التي تؤهله ليكون سائل الحياة الأول للإنسان، فهو مكون من خلايا الدم الحمراء التي تُعطيه اللون الأحمر، والمحتوي على الهيموجلوبين (بروتين قادر على حمل الأكسجين) صاحب هذا اللون تحديدًا، بجانب الصفائح الدموية، وخلايا الدم البيضاء، وكل هذا يسبح في بحرٍ من البلازما.
والبلازما هي سائل مائل للون الأصفر، ويعمل كوسط ناقل وحامل لكل ما سبق ذكره، بجانب حمل مخلفات عملية الأيض من مكان لمكان، وله أكثر من فائدة أخرى في جسم الإنسان مثل تخزين بعض الأيونات وضبط نسب العناصر المُذابة في الدم؛ إلخ. المميز في البلازما أنها مليئة بالمكونات القادرة على إنعاش الخلايا، وهذا ما اكتشفه العلماء في العقد الثامن من القرن الماضي.
عندما يتم حقن العميل بالبلازما في فروة الرأس (بلازما مستخرجة من دم العميل نفسه لكيلا تحدث مشاكل مناعية)، يتم تحفيز الخلايا لإنتاج البروتينات القادرة على إنعاش كل شيء ليُنتج شعيرات جديدة، وأيضًا يُغذي الشعيرات الموجودة بالفعل جيدًا. تنطوي الآلية العلاجية على الذهاب لعيادة التجميل في أكثر من مرة وعلى أكثر من جلسة رسمية، ولكل جلسة سعر محدد وثابت في كل مرة، ويعتمد السعر على البلد التي يقوم فيها العميل بأخذ الحقن من أجل زراعة الشعر بشكلٍ عام.
فيمكن أن تكون العميل في مصر وهناك تتراوح الجلسة من 30 إلى 100 دولار فقط، بينما في السعودية تصل إلى 400 دولار، بينما في الإمارات تصير الأغلى ويمكن أن تصل إلى 550 دولار، وفي بعض العيادات والمراكز التجميلية الفارهة، يصير سعر الجلسة أكبر من ذلك بكثير.
ولكن، أين الزراعة حتى الآن…؟
مراحل عملية زراعة الشعر
البلازما ليست كل شيء، فهي تعمل على تقوية الشعر نفسه، سواء القديم أو الجديد.
لكن مهلًا… الجديد؟
أجل الجديد!
فإن عملية زراعة الشعر ذاتها مأخوذة من اسمها وتعمل مفاد اسمها بالضبط، فهي عبارة عن “زراعة” فعلية في فروة الرأس. فهل يمكن زراعة البلازما مثلًا؟ الأمر كله مقترن بزراعة بصيلات الشهر نفسها ليحصل العميل في النهاية على أفضل نتيجة ممكنة يتم الوصول إليه من خلال الزراعة مع حقن البلازما.
هيا الآن نتحدث عن خطوات زراعة الشعر بشيء من التفصيل.
- أخذ البصيلات: في هذه المرحلة تم أخذ بصيلات الشعر التي يتم زرعها لاحقًا في فروة الرأس، ويتم أخذها تحديدًا من منطقة ما بين الأذنين (المنطقة المانحة كما نسميها طبيًّا)، ولا يتم أخذها بالملاقط اليدوية كما يعتقد البعض، فالأمر يتم باستخدام الميكرو موتور، وهو جهاز مخصص لهذا الأمر على وجه التحديد، بدون إشعار العميل بالألم أبدًا، وفي نفس الوقت يتم أخذ البصيلات بأعلى كفاءة ممكنة وبشكلٍ يجعل من السهل زرعها لاحقًا بالطريقة المناسبة.
- فتح القنوات: هنا يتم تجهيز فروة الرأس بشكلٍ يتناسب مع عدد البصيلات التي تم أخذها من المنطقة المانحة بين الأذنين من جهة، ومع زاوية توزيع الشعر المستقبلي من جهة أخرى (حتى يبدو طبيعيًّا). تلك المرحلة يمكن أن تأخذ بعض الوقت لأنه تتم مراعاة العديد من الجوانب الفنية فيها ليكون الشكل النهائي بعد إتمام العلاج ممتازًا ومرضيًا لكل من ينظر إليه.
- الزرع: وأخيرًا في هذه المرحلة نصل إلى الجزء الأخير من رحلة زراعة الشعر، وفيه يتم التركيز على زرع البصيلات المأخوذة سابقًا في المواضع المحددة سابقًا أيضًا (القنوات التي تم فتحها)، وبعد ذلك يتم تركها لتنمو بالشكل المنوط بها أن تنمو عليه، وفي النهاية تستجيب الرأس ويصير الشعر كثيفًا ومناسبًا لرغبات العميل تمامًا.